الأحد، 24 يوليو 2022

جسور مدينة أكادير في مناقشة فكرية للفلسفة الرواقية

 

جسور مدينة أكادير في مناقشة للفلسفة الرواقية


نظمت جسور القراءة بمدينة أكادير، صباح يوم الأحد 24 يوليوز 2022، بحديقة ابن زيدزن، لقاء فكريا تمت خلاله مناقشة الفلسفة الرواقية، لقاء الذي تفاعله مع الأعضاء المشاركون في مناقشة الموضوع، كان فرصة للتعريف بمذهب الرواقية وفلسفتها، وتسليط الضوء على أهم أفكارها ومبادئها وأبرز روادها.

 

الرواقية لفظ يطلق على المدرسة الفلسفية التي أنشأها زينون، بمدينة أثينا أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، ويطلق على أنصار تلك المدرسة باسم "الرواقيين" أو "أصحاب الرواق" أو "أهل المظال"، نسبة إلى الرواق المنقوش في أغورا أثينا، الذي كانت أعمدنه مزينة بنقوش من ريشة الرسام "بوليجنوط"، وبذلك الرواق كانت تلفى المحاضرات الفلسفية، والرواقية معاصرة للأبيقورية.

 

والرواقية ليست مذهبا فلسفيا فحسب، وإنما هي كذلك وقبل كل شيء أخلاق ودين، ولعل أبرز طابع يميز الرواقية هو نزعتها الإرادية، التي جعلتها تطرح المثالية طرحا دون تردد أو إحجام، فالمثل أو الكليات عندها ليس لها حقيقة في الواقع، فهي ليست موجودة خارج الأشياء مثلما عبر عنها أفلاطون، ولا هي موجودة في الأشياء كما لدى أرسطو، إنما المثل والصور عند الرواقيين مجردات ذهنية، ولا يقابلها شيء في عالم الواقع العيني.

 

ليست الرواقية من صنع رجل واحد، وإنما هي جملة نظرات متعددة اليانابيع، وقد تطورت على مر الزمان، واصطبغ الكثير من أجزائها بألوان مختلفة، وإن كان زينون مؤسسها فيعد كل من كليانتس وكروسيوس من الرواد الأوائل لها، ثم جاء بعدهم كل من بانيتوس ويويتوس وبوزيدونيوس، وصولا إلى وشيشرون وسنكا وأبكتيتوس وأورليوس، والذين يعدون بين أهم روادها. عرفت الرواقية بفضلهم انشارا واسعا إبان القرون الأولى للمسيحية، وتردد صداها في الشرق أيضا.

 

اعتبر الرواقيون أن المشاعر مثل الخوف أو الحسد (أو الارتباطات الجنسية العاطفية، أو الحب العاطفي لأي شيء على الإطلاق)، إما كانت أو نشأت من أحكام خاطئة، وأن الحكيم لن يخضع لها. ويؤكد الرواقيون المتأخرون في العصر الإمبراطوري الروماني، كسينيكا وإبكتيتوس، على المذاهب المركزية بالفعل في تعاليم الرواقيين الأوائل، القائلة بأن الحكيم محصن تمامًا من سوء الحظ وأن الفضيلة كافية لتحقيق السعادة.

 

ربما تلخص عبارة "الهدوء الرواقي" الانجراف العام لهذه الادعاءات. ومع ذلك، فإنه لا يلمح إلى الآراء الأخلاقية الأكثر راديكالية التي دافع عنها الرواقيون، على سبيل المثال. أن الحكيم فقط هو من يتحرر بينما كل الآخرين عبيد، أو أن كل أولئك الأشرار أخلاقياً متساوون في ذلك.

 

على الرغم من أنه يبدو واضحًا أن بعض الرواقيين أخذوا نوعًا من الفرح المنحرف في الدفاع عن الآراء التي تبدو متعارضة جدًا مع الفطرة السليمة، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك لمجرد الصدمة. تحقق الأخلاق الرواقية معقولية معينة في سياق نظريتهم الفيزيائية وعلم النفس، وفي إطار النظرية الأخلاقية اليونانية التي تم تسليمها لهم من أفلاطون وأرسطو. 

 

يبدو أنهم كانوا مدركين لطبيعة الترابط المتبادل لآرائهم الفلسفية، وشبّهوا الفلسفة نفسها بالحيوان الحي الذي فيه المنطق بالعظام والأوتار. الأخلاق والفيزياء، يالجسد والروح على التوالي. وجهات نظرهم في المنطق والفيزياء ليست أقل تميزًا وإثارة للاهتمام من تلك الموجودة في الأخلاق نفسها.

عند التفكير في مذاهب الرواقيين، من المهم أن نتذكر أنهم لا يعتبرون الفلسفة مجرد تسلية ممتعة أو حتى هيئة معرفية معينة، ولكن كطريقة حياة. إنهم يعرّفون الفلسفة كنوع من الممارسة أو التمرين في الخبرة المتعلقة بما هو مفيد. بمجرد أن نعرف ما نحن عليه والعالم من حولنا، وخاصة طبيعة القيمة، سوف نتحول تمامًا. 


اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي