الثلاثاء، 11 مايو 2021

قراءة في رواية تاء الخجل "لفضيلة الفاروق"- بقلم بشرى مسان

 

قراءة في رواية تاء الخجل للكاتبة الجزائرية "فضيلة الفاروق"

بقلم التلميذة - بشرى مسان

نشرت رواية رواية تاء الخجل للكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق من طرف "مكتبة رياض الريس للكتب والنشر ببيروت". يصل عدد صفحاتها إلى سبعة وتسعين صفحة.

إن أول ما يثير انتباهنا عندما نلمح الرواية من غلافها، صورة امرأة كاتمة لكل مساوئها بداخلها، وذلك واضح من النظرة التي تنظر بها للأسفل، كما أن ظهر الكتاب يتضمن بعض سطور الكتاب والتي تبرز الرسالة الموجهة من طرف الروائية إلى قُرائها.


تسرد لنا الرواية في كل صفحة الخجل الذي لحق بالمرأة الجزائرية من طرف المجتمع، إذ تتضمن في أولى صفحاتها، الأسطر المذكورة سابقا والتي توجد في ظهر الكتاب، والتي تتكلم عن "أن كل شيء كان تاء الخجل بالنسبة للمجتمع" .

أما فصول الرواية فهي مبنية بناء سرديا عبر حبكة متارسة تشد القارئ إليها شدا وشوقا من إلى فصل، إذ أنها في الفصل الأول المعنون ب "أنا وأنت"، تتحدث عن التهميش والاستلاب الذي تعاني منه المرأة الجزائرية داخل مجتمع ذكوري، وتنتقل فضيلة الفاروق في الفصل الثاني المعنون ب "أنا ورجال العائلة"، لتبرز لنا ضغوطات العائلة باسم الدين والأعراف والتقاليد. حيث عاشت الكاتبة أيضا مثل هاته الضغوطات من طرف العائلة، لأنهم كانوا يظنون أن كل البنات اللواتي يذهبن إلى الجامعة تنتهي قصصهن بالعار، إلا أن الكاتبة كان لها أب محبٌ للعلم، فكانت هذه النقطة تحتسب له داخل العائلة.

 أما بالنسبة للفصل الثالث "تاء مربوطة لا غير"، فإن الكاتبة تسرد لنا فيه انضمامها للعمل الإعلامي، حيث انضمت الى جريدة "الرأي الأخر". وحكت لنا من خلال موقعها كصحفية عن أيام عصيبة مرت منها دولة الجزائر تسمى ب "العشرية السوداء". وقد تضاربت الأرقام بطريقة مثيرة للانتباه في حضور قانون الصمت، حيث تم اغتصاب 5000 امرأة جزائرية، وذلك من طرف جماعات متطرفة فاستخدموا المرأة كاستراتيجية حربية، فلم تعد العائلة فقط هي التي تستفز طير الحرية داخل النساء و إنما الوطن كله، وعبرت الكاتبة عن هذا في أحد المقاطع وهي تقول: "أريد هواء لا تملؤه رائحة الاغتصاب".

كما أن الكاتبة فضيلة الفاروق قد سردت لنا بعض قصص المغتصبات مع وصفها لمعاناتهم، فأكثرهن فارقن الحياة، ومن بينهم حكاية "ريمة نجار" التي رمى بها والدها من على الجسر، وذلك لكي يخلص نفسه من العار في اعتقاده؛ وبعد ذلك كله نصل للفصل الرابع المعنون ب "يمينة" حيث كُلفت الكاتبة باعتبارها صِحفية بالبحث وكتابة مقال عن قصة هؤلاء النسوة، وقد بدأت القصة انطلاقا من الجناح الذي كانت فيه يمينة، وهي التي كانت الشخصية القريبة من الكاتبة، والتي كانت أيضا من المسجونات، فكانت تلك أول زيارة للكاتبة لذلك الجناح، لتبدأ بالتعرف على بعض قصص هؤلاء النسوة، كقصة "راوية" والتي طالعا الجنون بعد تأثرها بمشهد ذبح قريبتها أمام عينيها؛ وكذا تعرفت على "يمينة" التي كانت لها نفس أصول الكاتبة، مما جعل الكاتبة تعتبرها من عائلتها.

فيأتي بذلك الفصل الخامس المعنون ب"دعاء الكارثة" حيث كان الناس يدعون بدعاء كارثي، يغنونه بعيون مغمضة وهو يحمل في طياته الكوارث، وأدركت الكاتبة خلال هذا الفصل أنها تدخل لعالم المغتصبات لا كصحفية، وإنما كفرد من العائلة، فإن أي شيء ستكتبه عنهم، فهو بالأحرى يتحدث عنها، مما اضطرها إلى التراجع عن مهمة كتابة مقال في شأن هذا الموضوع.

أما الفصل السادس الذي يحمل عنوان "الموت والأرق يتسامران" فإنه يتحدث عن قصة "رزيقة"، وهي أيضا كانت من المسجونات، تحكي لنا الكاتبة عن رفض الطبيب إجهاض رزيقة التي كانت حاملا، بدعوى أنه لا يمتلك أي صلاحية لإجراء العملية حتى تصل الشرطة إلى أدلة عن هذا الأمر، وقد يستغرق ذلك وقتا كثيرا.

وبعدها نمر على الفصل السابع الموسوم ب "جولات الموت" والذي كان يتحدث عن يمينة، حيث كانت وضعيتها لا تختلف كثيرا عن وضعية الموتى؛ مع ذكر الكاتبة في هذا الفصل انتحار رزيقة التي لم تعد لها القدرة على التحمل.

وبعد ذلك يأتي الفصل الثامن والأخير المعنون ب"الطيور تختبئ لتموت" وهو الذي نال انتباهي كثيرا في هاته الرواية، حيث حكت لنا الكاتبة عن تحسن حالة يمينة، وكذا الحوار الذي دار بينهما حول جسر "سيدي مسيد"، وكذا وصفت لنا مدى تحمس يمينة لرؤيته، إلا أنه في الغد أتى خبر مفاجئ عن يمينة، حيث كان مصيرها أيضا الموت مثل الأخريات، فذهبت الكاتبة للمشي على الجسر فتذكرت تلك القصص المأساوية لهؤلاء النسوة. كما أنه قد أثارتني بعض المقاطع في هذا الفصل وهي مقاطع مأساوية حقا ختمت بها الرواية، حيث تقول: "لا مكان للإناث هنا إلا وهن نائمات" وكذلك "الوطن كله مقبرة ولذنا بالصمت".

لقد كتبت الكاتبة فضيلة فاروق رواية تجسد مدى القمع والاستلاب الذي تتعرض له المرأة الجزائرية خصوصا، والمرأة العربية عموما من طرف المجتمع بكل جوانبه.

اعلان 1
اعلان 2

1 التعليقات :

  1. مراجعة بالفعل تستحق الفوز، أتمنى أن تستمري بشرى.

    ردحذف

عربي باي