الاثنين، 13 يونيو 2022

جسور القراءة بأݣادير في مناقشة لرواية الحي الخطير


جسور القراءة بأݣادير في مناقشة لرواية الحي الخطير

كان لجسور القراءة بمدينة أكادير السبت الماضي، لقاءً نوقش من خلاله رواية «الحيّ الخطير» الصادرة عن دار النشر السّاقي في بيروت 2017، لبنان للكاتب المغربي محمّد بنميلود، بالمقهى الأدبي بالدشيرة، تد رواية الحي الخطير لحظة سرد حقيقية، تعبّر وتشخّص واقعنا بعمق فلسفي حادّ وناقم. تقف في اللحظة التاريخية التي تريد أن تقول بكيفية أخرى ومن زاوية حادّة، وبعمق لا ينقصه التأمل. 

تجري أحداث الوراية في مكانٍ خاص «الحيّ الخطير» أو لعلّه الفضاء مطلقا. تتحرّك فيه الشخصيات وتتموضع وفق فلسفة الكاتب الوجودية، وحال الطبقة السّفلى التي تمّ تقريبها بمكبر روائيّ، دافعا إيّاها للسخرية منّا جميعا. من إعاقاتنا الفكرية للتصور والفهم ومن عالمنا الذي ينقصه الكثير من العدالة. العالم المحكوم بقانون العصابات. فهي جرعة مكثفة لقول فكرة وجودية تريد تصفية حساب مع العالم بلا هدنة، وكشفه مخفيّا وراء جبنه وادّعائه.

تنطلق الشخصية الساردة من النظر إلى العالم باعتباره مسرح جريمة كبيرا، وأن جرائمها هي، الصّغيرة! ليست إلا تحصيل حاصل من الفقر والحرمان والتشرّد بعد الطرد من المدرسة – الذي لا بدّ أنّه كان تعسّفيا وحرمانا يضاف إلى حرمانات أخرى- وأنها لا تعدو أن تكون مقاومة لإثبات الذات وخرق ذاك السور الكبير المنيع. وبالتالي فلا ثورة أنجع من سلاح السطو وتجارة الحشيش صحبة رفاق آخرين دون شعارات أو منشورات، بل بما حملوه في جيناتهم من مركّب نقص وما عاشوه كحثالة. 


وبتتبع مسار الشخصيات، ولادتها، ونشأتها نكون بصدد فتح علبة سرد كبيرة تأخذنا إلى علب محكيات بشخصيات كثيرة تأخذ بأنفاس القارئ، حيث يعمد الكاتب إلى تقريبها وصياغتها في الواقع ذاته الذي أنشأ الجميع كحقل من الفطر. نتسلّى بوجودها، نستمتع، نتعجّب، نندهش، نضحك، ونتقزّز… فضاء حكي يستمر ويمسك في طريقه ما يعمّق دهشتنا ومتعتنا، واستغرابنا.


تتعدّد وتتوالد الشخصيات، وتمتدّ إلى شخصيات ووضعيات ومحكيات أخرى كثيرة، كما لو كنّا في هذه الرواية أمام عدوى الجرب أو بصدد سرد نسلٍ ملعون أو نظرة بانورامية لأنماط ونماذج وسلوكات، إنّ عمق هذا النّص الروائي «الحيّ الخطير» لا يقوم على جوهره العدميّ وحده، الذي يُعتبرُ أساس الرؤية وهدف الرّسالة، بل على أبعاد فنيّة يسمح بها أسلوب سردي لعبي لافت، لا يمكن أن تُحكى هذه الحكاية إلا به ومن خلاله. وبذلك يملك خصوصيته في فضاء المحكيات. أسلوب سرديٌّ يرسمُ عالما مُفارقا هو عالم روائيّ يقول الحقيقة مادامت كل رواية رديئة تكذب.



تلعب الرواية في المسافة بينها وبين موضوع الحكي: الحيّ/ في بعده الواقعي. قد تطول غالبا وأحيانا تقصر، قد تتحوّل فجأة إلى فانتازيا، إلى نرفانا بسبب قطعة حشيش يدسّها الكاتب في غليون القراءة، كي نذهب معه في متخيّله أبعد من الحدود التي يمكن رسمها عادة للواقع، لكن قد تمّ رسمها بفنيّة للرواية.

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي