الأحد، 2 مايو 2021

لقاء افترضي لمناقشة رواية "صورة دوريان غراي" لأوسكار وايلد

 شكلت رواية "صورة دوريان غراي" فرصة  أعضاء جسور القراءة، لمناقشة أفكار الكاتب الانجليزي أوسكار وايلد، اللقاء الذي عقد امس السبت في لقاء افتراضي عبر وسائل الاتصال عن بعد.

تعد رواية "صورة دوريان غراي" من الكلاسيكيات الأدبية الانجليزية الرائدة، إلا أنها من الأعمال التي تتناول موضوعات ذات مساحة مشتركة لهموم اي إنسان بغض النظر عن البقعة الجغرافية التي يعيش عليها والثقافة التي ينتمي إليها. موضوعات ما تزل تشكل هاجس، وثيمات خلافية لم ينضب الجدل فيها حتى الآن، منها الخُلود والهرب من الشيخوخة، ومعيارية الخير والشر، والحريّة، وأخلاقية القِيَم، وغيرها الكثير...

لا تختلف “صورة دوريان غراي” عن بقية الروايات الأدبية الأوربية في القرنين 19 و20 بالتحديد، من حيث أفقية الحبكة والأحداث الخارجية.

فالرواية تتناول قصة ثلاث شخصيات من المجتمع الانجليزي المخملي جاءت أحداثها الخارجية، بالرغم من انعطافاتها الحادة، ذات ردود أفعال باهتة على الشخصيات، وبدا بشكل بارز أن المحرك لعجلة الأحداث هو تعرية فلسفة كل من هذه الشخصيات لكونها البُنى التي تشكل العمل ككل.


أركان هذا العمل هم الشخصيات الثلاث؛ الرسام بازيل وصاحب فلسفة المتعة هنري والوسيم دوريان غراي، حيث تشكّل هذه الشخصيات سلّم معياري أعلاه بازيل وأدناه هنري بينما تكون شخصية دوريان غراي هي الشخصية الديناميكية الوحيدة والتي تتحرك باتجاه واحد وهي انحدار أخلاقي للأسفل بسبب اتباعه تعاليم هنري. 

بالرغم من أن المشهد الأول في الرواية جاء مُتخماً بحوار فلسفي من طرف واحد وممتلئ بتنظير حول مفهوم الفن، إلا أنه -الفن- كان حاضراً كصورة رمزية تمثلت في شخصية دوريان غراي، إذ صاغ أوسكار وايلد هذه الشخصية لتكون الصورة المثالية لما يتوجب للفن أن يكونه، مفعماً بالجمال وعديم الفائدة. ولذلك فهو يعزل تماماً الفن عن الأخلاقيات وقواعد القيم، كما ذكر في مقدمته التي أضافها لاحقاً بعد الجدل الذي سببته الرواية:

“لا وجود لكتاب أخلاقي وآخر غير أخلاقي. الكتب إما توصف بأنها مكتوبة بشكل جيد أو مكتوبة بشكل سيّء”

يضع أوسكار وايلد قواعد عمله بدقة ومهارة مؤسساً لثيمات روايته، ومبرزاً بشكل صريح هوية شخوصه، وتتماسك كعمل إبداعي من خلال اتساق الشخصية الواحدة وعدم تناقضها على مدى الرواية. 


يحاول أوسكار وايلد أن ينتصر لمقولته والتي تلخص ثمرة فلسفته حول الفن والجمال، والتي اختتم بها ديباجة العمل: "كل الفنون عديمة الفائدة". أي أن الفن لا يمكن أن يكون له غرض أو منفعة، بل قد يكون ثمن محاولة توظيف الفن بأي شكل من الأشكال باهظاً جداً، وهذا ما صوّره أوسكار وايلد بترميز محكم في علاقة دوريان غراي بصورته، إذ أراد أن يتبادل الأدوار معها لتكون صورته هي من تكبر وتشيخ ويأخذ هو محافظته على صورته شاباً، ولكن ذلك كلفه كل أخلاقياته وكأنه "باع روحه للشيطان"، ولَم يكن خلاصه إلا بثمن أكثر كلفة من سابقه، وتصحيح خطأه جاء مأساوياً كما انتهت عليه الرواية.

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي