رحيل المفكر التونسي هشام جعيط لدار البقاء
عن عمر ناهز 86 عاماً، توفي أمس الثلاثاء المفكر والمؤرخ التونسي هشام جعيط، بعد صراع مع المرض، وقد نعت وزارة الشؤون الثقافية التونسية جعيط في بيان لها وقالت: بأن الراحل ترك أعمالاً فكرية وحضارية تمثل «مرجعية للأجيال الحاضرة والقادمة»، ونعى رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد المفكر الراحل قائلا إنه كان "شخصية وطنية فذّة وقامة علمية مرموقة ستظلّ ذكراها خالدة في تاريخ الساحة الثقافية في تونس والعالم العربي والإسلامي".
ولد جعيط في تونس العاصمة سنة 1935، لعائلة من المثقفين والقضاة ورجال العلم والدولة، فقد كان يوصف بأنه المفكر الذي كان وفيا لشخصيته لا تابعا لغيره، وهو كذلك المؤرخ الذي تعامل مع الوثيقة دون الرضوخ لعصا السلطة، بالرغم من كونه ابن عائلة من المثقفين والقضاة وكبار المسؤولين من الطبقة البرجوازية الكبيرة في تونس العاصمة، فهو حفيد الوزير الأكبر يوسف جعيط، وابن أخي العالم والشيخ محمد عبدالعزيز جعيط.
أنهى تعليمه الثانوي في المدرسة الصادقية بتونس، قبل أن يستكمل دراسته العليا في العاصمة الفرنسية باريس، التي قضى فيها 8 سنوات، حيث حصل على الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة السوربون، قبل أن يعود إلى بلده ليتألم بجو "الديماغوجية والديكتاتورية" بحسب وصفه، وبالرغم من أنه لم يشارك في الحياة السياسية في فرنسا، فإنه كان يراها بلدا حرا.
يقول جعيط إنه حين عاد إلى بلده رأى ناسا نصف متوحشين "وجدت نفسي أعيش في بلد بدائي ومتخلف، وعائلتي انقلبت على نفسها وقيمها، أبي كان شيخا في جامعة الزيتونة، أزيحت جامعة الزيتونة بطلب (الرئيس التونسي وقتها) الحبيب بورقيبة، ولم يتألم أبي لفقدان هذا الصرح العلمي، بل تألم لموقعه الاجتماعي الذي ألغي، لأن المشايخ صاروا محتقرين، خاصة أن الناس يتبعون دين ملوكهم"، وفق وصفه.
كان أستاذاً فخرياً لدى جامعة تونس وأستاذاً زائراً بعدة جامعات عربية وغربية، وشغل منصب رئيس المجمع التونسي للعلوم، والآداب والفنون (بيت الحكمة) بين 2012 و2015 كما كان عضواً في الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون. صدرت له العديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية التي ناقش فيها جملة من الإشكاليات المحورية في التاريخ الإسلامي وأهم مكونات الموروث الحضاري.
من مؤلفاته "الفتنة.. جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر"، و "أوروبا والإسلام.. صدام الثقافة والحداثة"، و "أزمة الثقافة الإسلامية" و "الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي"، و "تأسيس الغرب الإسلامي"، إضافة إلى ثلاثية "في السيرة النبوية" التي تعد من أهم ما كتب.
منحته تونس وسام الجمهورية، ونال العديد من الجوائز منها جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في الدراسات الإنسانية والمستقبلية من الإمارات عام 2007، كما اختارته المؤسسة العربية للدراسات والنشر في لبنان شخصية العام الثقافية لعام 2016.
0 التعليقات :
إرسال تعليق