الاثنين، 31 أكتوبر 2022

من لقاء جسور أكادير - "بحثا عن الشمس : من قونية إلى دمشق"

 

من لقاء جسور أكادير -  "بحثا عن الشمس : من قونية إلى دمشق"



عقدت جسور القراءة أمس الأحد بنادي المدرس بتالبرجت بمدينة أكادير، لقاء القراء في مناقشة لكتاب "بحثا عن الشمس : من قونية إلى دمشق -مولانا جلال الدين الرومي وشيخه شمس الدين التبريزي"، للكاتب عطاء الله تدين الأديب الفارسي، (عن دار نينوى- دمشق ـ ترجمه عن الفارسية عيسى علي العاكوب).


الكتاب الذي يؤرخ من خلاله عطاء الله تدين للقاء شمس بالرومي في السادس والعشرين من جماد الثاني من عام 642 هـ، يسعى عطاء الله تديّن إلى اقتفاء أثر جلال الدين الرومي (1207- 1273) ومرشده شمس الدين التبريزي، في كتابه المرجعي «بحثاً عن الشمس: من قونية إلى دمشق»، في إجابة منه عن سؤال يتعلّق بعلاقة جلال الدين الرومي بمعلّمه شمس الدين التبريزي. العلاقة التي تسمت بالغموض، إثر مغادرة المعلّم قونية فجأة، بعد 16 شهراً من الإقامة فيها، متجهاً إلى دمشق.


حرص عطاء الله في كتابه هذا على تفكيك جوهر هذه العلاقة الغامضة بين الرجلين. رغم توغّله في عمق هذه العلاقة الفكرية والروحية، متكئاً على مصادر أساسية في المكتبة الفارسية، بالإضافة إلى آثار الرومي «المثنوي»، و«شمس تبريز»، إلا أنه لم يمط اللثام عن الشكوك التي انتابت بعضهم بطبيعة هذه العلاقة. هل هي روحية خالصة؟


الرحلة التي بدأت من مدينة بلخ الأفغانية انتهت في مدينة قونية التركية، فكان على جلال الدين أن يكمل مسيرة والده، بعد وفاته، في الوعظ والإرشاد، خاضعاً لتعاليم برهان الدين الترمذي، أحد مريدي الأب. وسوف ينصحه بأن يكمل تحصيله في فروع علوم ذلك العصر، فسافر إلى حلب، ثم أكمل طريقه إلى دمشق، وأقام فيها نحو أربع سنوات. وفي هذه المدينة ظفر بلقاء محيي الدين بن عربي، ثم عاد مجدّداً إلى قونية، محمّلاً بعطر هذه المدينة «أنا عاشق ومندهش ومجنون بدمشق».


الانعطافة الكبرى في حياة «إمام متمرّدي العشق» حدثت لحظة تعرّفه إلى شمس، ولحظة فراقه. هو سيعيش انقلاباً جذريّاً في منهجه العرفاني، وانتقاله من دروس الفقه إلى نشوة السماع، وطواف البدن، في ما سيُعرف بالمولوية، أو «رقصة الدرويش». الرقصة التي ستجوب الآفاق، كأعلى مراتب العشق الإلهي والانجذاب الصوفي. ولكن ما مصير شمس التبريزي الذي ترك مريده معلّقاً في فضاء الوجد؟ لقد توارى عن الأنظار نهائياً، وفقاً لما يقوله هذا الباحث الإيراني،

ينفي مولانا كل التهم التي لحقت بمعلّمه، واصفاً إياه بأنه «مظهر لكمال الإنسانية»، و «وطن للروح»، و «دائي ودوائي»، وبدا إسرافه في غزليات «شمس تبريز» نوعاً من عرفانية جديدة، قادته إلى مدارج الكمال، إذ تغدو «الكائنات كلها إقليم العشق». هكذا صنع شمس في حضوره وفي غيابه من مريده عاشقاً ثائراً، وراقصاً محلّقاً في منطقة اللاجاذبية، ذلك أن «غاية السماع، تذكُّر المعشوق» من دون أن نهمل فكرة جوهرية، هي لبّ فلسفة التبريزي، وقد أودعها ذاكرة المريد، بقوله إنّ التجربة الحسيّة والمنهج العقلي هما الطريق إلى الحقيقة.

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي